يومًا بعد يوم، تزداد الأدلة العلمية على أن تناول الألياف بكميات كافية قد يُفيد عملية الهضم ويُقلل من خطر الإصابة بأمراض مزمنة.
العديد من هذه الفوائد تتوسطها ميكروبيوتا الأمعاء - ملايين البكتيريا المفيدة التي تعيش في جهازك الهضمي.
العديد من هذه الفوائد تتوسطها ميكروبيوتا الأمعاء - ملايين البكتيريا المفيدة التي تعيش في جهازك الهضمي.
لماذا تعتبر الألياف مفيدة لك؟
ومع ذلك، ليست كل الألياف متشابهة، فالأنواع المختلفة لها تأثيرات صحية مختلفة.
يشرح هذا المقال الفوائد الصحية للألياف الغذائية، وعلاقة الألياف بالإمساك وكذلك نبذة عن حبوب الألياف وأنواعها المفيدة.
ما الألياف الغذائية؟
ببساطة، الألياف الغذائية عبارة عن كربوهيدرات غير قابلة للهضم في بعض الأطعمة (لا يوجد لدينا الإنزيمات الهاضمة الخاصة بها)، لذلك تمر عبر معظم الجهاز الهضمي دون تغيير.
تُقسَم إلى فئتين بناءً على قابليتها للذوبان في الماء:
- الألياف القابلة للذوبان: تذوب في الماء ويمكن استقلابها (أيضها) بواسطة البكتيريا "الجيدة" في الأمعاء.
- الألياف غير القابلة للذوبان: لا تذوب في الماء
هناك الكثير من التداخل بين الألياف القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان حيث يمكن هضم (تخمير) بعض الألياف غير القابلة للذوبان بواسطة البكتيريا الجيدة في الأمعاء، وتحتوي معظم الأطعمة على ألياف قابلة للذوبان وغير قابلة للذوبان.
توجد فئة أخرى من العناصر الغذائية تُسمى النشويات المقاومة، والتي قد تُصنَف غالبًا على أنها ألياف غذائية.
تُوصي السلطات الصحية الرجال والنساء بتناول 38 و 25 جرامًا من الألياف يوميًا، على التوالي.
فوائد الألياف الغذائية
- الألياف الغذائية تُغذي بكتيريا الأمعاء "الجيدة"
يفوق عدد البكتيريا التي تعيش في جسم الإنسان عدد خلايا الجسم بنسبة 10 إلى 1 حيث تعيش البكتيريا على الجلد والفم والأنف، لكن الغالبية العظمى منها تعيش في الأمعاء، وبشكلٍ أساسي الأمعاء الغليظة.
يعيش 500 إلى 1000 نوع مختلف من البكتيريا في الأمعاء، أي ما مجموعه حوالي 38 تريليون خلية. تُعرف بكتيريا الأمعاء أيضًا باسم فلورا الأمعاء.
هذا ليس سيئًا في الواقع، فهناك علاقة متبادلة المنفعة بينك وبين بعض البكتيريا التي تعيش في جهازك الهضمي.
أنت توفر الغذاء والمأوى والبيئة الآمنة للبكتيريا. في المقابل، يعتنون ببعض الأشياء التي لا يستطيع جسم الإنسان القيام بها بمفرده.
من بين العديد من أنواع البكتيريا المختلفة، بعضها مهم لجوانب مختلفة من صحتك، بما في ذلك الوزن، والتحكم في نسبة السكر في الدم، ووظيفة المناعة، وحتى وظائف المخ.
قد تتساءل ما علاقة هذا بالألياف. تمامًا مثل أي كائن حي آخر، تحتاج البكتيريا إلى تناول الطعام للحصول على الطاقة من أجل البقاء والعمل.
تكمن المشكلة في أن معظم الكربوهيدرات والبروتينات والدهون تُمتص في مجرى الدم قبل وصولها إلى الأمعاء الغليظة، مما يترك القليل لبكتيريا الأمعاء.
وهنا يأتي دور الألياف حيث لا تمتلك الخلايا البشرية الإنزيمات اللازمة لهضم الألياف، لذلك تصل الألياف إلى الأمعاء الغليظة دون تغيير نسبيًا.
ومع ذلك، تمتلك البكتيريا المعوية الإنزيمات اللازمة لهضم العديد من هذه الألياف.
هذا هو السبب الأكثر أهمية لأن (بعض) الألياف الغذائية ضرورية للصحة حيث تُغذي البكتيريا "الجيدة" في الأمعاء، وتعمل كمواد حيوية.
بهذه الطريقة، فإنها تُُعزز نمو بكتيريا الأمعاء "الجيدة"، والتي يمكن أن يكون لها تأثيرات إيجابية مختلفة على الصحة.
تُنتج البكتيريا المفيدة أيضًا بعض العناصر الغذائية المفيدة للجسم، بما في ذلك الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة مثل الأسيتات والبروبيونات والبوتيرات، وتعتبر البوتيرات الأكثر أهمية.
يمكن لهذه الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة تغذية الخلايا في القولون، مما يؤدي إلى تقليل التهاب الأمعاء وتحسين اضطرابات الجهاز الهضمي مثل متلازمة القولون العصبي ومرض كرون والتهاب القولون التقرحي.
على جانب آخر، عندما تخمر البكتيريا الألياف، فإنها تُنتج أيضًا غازات. هذا هو السبب في أن الأنظمة الغذائية الغنية بالألياف قد تُسبب انتفاخ البطن وانزعاجًا في المعدة لدى بعض الأشخاص، وعادةً ما تختفي هذه الآثار الجانبية مع مرور الوقت بينما يتكيف جسمك.
تشمل الألياف المخمرة البكتين، وبيتا جلوكان، وصمغ الغوار، والأنولين، وأوليجوفركتوز.
وتعتبر الفاصوليا والبقوليات من أفضل مصادر الألياف الغذائية الكاملة، وغالبًا ما توفر الوجبة التي تحتوي على كوب واحد ما يصل إلى نصف الكمية اليومية الموصى بها من الألياف.
- قد تساعدك بعض أنواع الألياف على خسارة الوزن
قد تساعدك أنواع معينة من الألياف على خسارة الوزن عن طريق تقليل الشهية.
في الواقع، تُظهر بعض الدراسات أن زيادة الألياف الغذائية قد تُسبب خسارة الوزن عن طريق تقليل السعرات الحرارية تلقائيًا.
يمكن للألياف امتصاص الماء في الأمعاء، مما يؤدي إلى إبطاء امتصاص العناصر الغذائية وزيادة الشعور بالامتلاء.
ومع ذلك، هذا يعتمد على نوع الألياف. بعض الأنواع ليس لها تأثير على الوزن، في حين أن بعض الألياف القابلة للذوبان يمكن أن يكون لها تأثير كبير.
من الأمثلة الجيدة على حبوب الألياف الفعّالة لخسارة الوزن ألياف الجلوكومانان.
- قد تقلل الألياف من ارتفاع نسبة السكر في الدم بعد تناول وجبة عالية الكربوهيدرات
تميل الأطعمة الغنية بالألياف إلى أن يكون لها مؤشر جلايسيمي (قدرتها على رفع نسبة السكر في الدم بعد تناولها) أقل من مصادر الكربوهيدرات المكررة، والتي تم تجريدها من معظم الألياف.
ومع ذلك، يعتقد العلماء أن الألياف القابلة للذوبان (ذات اللزوجة العالية) فقط لها هذه الخاصية.
لذلك، قد يؤدي تضمين هذه الألياف اللزجة القابلة للذوبان في وجباتك التي تحتوي على الكربوهيدرات إلى حدوث ارتفاعات صغيرة في نسبة السكر في الدم.
هذا مهم، خاصة إذا كنت تتبع نظامًا غذائيًا عالي الكربوهيدرات. في هذه الحالة، يمكن للألياف أن تقلل من احتمالية رفع الكربوهيدرات لنسبة السكر في الدم إلى مستويات ضارة.
ومع ذلك، إذا كنت تعاني من مشاكل السكر في الدم، فيجب أن تفكر في تقليل تناول الكربوهيدرات - خاصةً تناولك من الكربوهيدرات المكررة قليلة الألياف مثل الدقيق الأبيض والسكر المضاف.
- قد تقلل الألياف من نسبة الكوليسترول، ولكن التأثير ليس كبيرًا
يمكن للألياف اللزجة القابلة للذوبان أن تُقلل أيضًا من مستويات الكوليسترول في الدم.
ومع ذلك، فإن التأثير ليس مثيرًا للإعجاب كما قد تتوقع.
وجدت مراجعة لـ 67 دراسة أن تناول 2-10 جرام من الألياف القابلة للذوبان يوميًا قلل من الكوليسترول الكلي بمقدار 1.7 مجم / ديسيلتر فقط وكوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (الضار) بمقدار 2.2 مجم / ديسيلتر في المتوسط.
لكن هذا يعتمد أيضًا على لزوجة الألياف. وجدت بعض الدراسات انخفاضًا مذهلاً في الكوليسترول مع زيادة تناول الألياف.
ما إذا كان لهذا أي آثار ذات مغزى على المدى الطويل غير معروف، على الرغم من أن العديد من الدراسات القائمة على الملاحظة تُظهر أن الأشخاص الذين يتناولون المزيد من الألياف لديهم مخاطر أقل للإصابة بأمراض القلب.
علاقة الألياف بالإمساك
إحدى الفوائد الرئيسية لزيادة تناول الألياف هي تقليل الإمساك.
يُعتقد أن الألياف تساعد على امتصاص الماء وزيادة حجم البراز وتسريع حركة البراز عبر الأمعاء. ومع ذلك، فإن الأدلة متضاربة إلى حد ما.
تُظهر بعض الدراسات أن زيادة الألياف قد يُحسّن أعراض الإمساك، لكن دراسات أخرى تُظهر أن إزالة الألياف قد يُحسّن الإمساك. تعتمد التأثيرات على نوع الألياف.
في إحدى الدراسات التي أُجريت على 63 شخصًا يعانون من الإمساك المزمن، أدى اتباع نظام غذائي منخفض الألياف إلى حل مشكلتهم أما الأفراد الذين بقوا على نظام غذائي غني بالألياف فلم يلاحظوا أي تحسن.
بشكلٍ عام، الألياف التي تزيد من محتوى الماء في البراز لها تأثير ملين، بينما الألياف التي تضيف إلى الكتلة الجافة للبراز دون زيادة محتواه المائي قد تُزيد الإمساك.
غالبًا ما تكون الألياف القابلة للذوبان التي تشكل مادة هلامية في الجهاز الهضمي ولا يتم تخميرها بواسطة بكتيريا الأمعاء فعّالة مثل ألياف السيلليوم.
أنواع أخرى من الألياف، مثل السوربيتول، لها تأثير ملين عن طريق سحب الماء إلى القولون. البرقوق مصدر جيد للسوربيتول.
لهذا السبب، يجب عليك استشارة أخصائي رعاية صحية قبل تناول مكملات الألياف للإمساك.
- قد تُقلل الألياف من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم
يُعدُّ سرطان القولون والمستقيم السبب الرئيسي الثالث لوفيات السرطان في العالم.
ربطت العديد من الدراسات بين تناول كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بالألياف وانخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون.
ومع ذلك، تحتوي الأطعمة الكاملة الغنية بالألياف مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة على العديد من العناصر الغذائية ومضادات الأكسدة الصحية الأخرى التي قد تؤثر على مخاطر الإصابة بالسرطان.
لذلك، من الصعب عزل تأثيرات الألياف عن العوامل الأخرى في النظم الغذائية الصحية التي تحتوي على أطعمة كاملة. حتى الآن، لا يوجد دليل قوي يثبت أن الألياف لها تأثيرات وقائية للسرطان.
ومع ذلك، نظرًا لأن الألياف قد تساعد في الحفاظ على صحة جدار القولون، يعتقد العديد من العلماء أن الألياف تلعب دورًا مهمًا.
تناول مكملات الألياف الغذائية
من الأفضل الحصول على التغذية - بما في ذلك الألياف - من الطعام. ولكن إذا كانت كمية الألياف التي تتناولها منخفضة، فقد تفكر في تناول مكمل غذائي.
هناك أنواع قليلة من المكملات تدعمها الأبحاث:
- ألياف الغُوارGuar fiber: كمكمل غذائي، قد تُحسن ألياف الغوار من الشعور بالشبع وتقلل من إجمالي السعرات الحرارية التي تتناولها. كما أنها تستخدم في الأطعمة المصنعة لتحسين الملمس.
- ألياف السيلليوم Psyllium: السيلليوم عنصر الرئيسي في مكملات غذائية كثيرة، وهو مكمل ألياف شائع يستخدم للإمساك. في إحدى الدراسات، تبين أيضًا أن سيلليوم يقلل الجوع بين الوجبات.
- الجلوكومانان Glucomannan: تُضاف هذه الألياف إلى بعض منتجات الألبان قليلة الدسم لتحسين الملمس، وهي المكون الرئيسي في معكرونة الشيراتاكي الخالية من السعرات الحرارية. كمكمل، فهو يزيد الامتلاء ويقلل الشهية.
- بيتا - كلوكانز β-glucans: يوجد هذا النوع من الألياف في الشوفان والشعير. يتم تخميره في الأمعاء ويعمل كبريبايوتيك لدعم الكائنات الحية الدقيقة الصحية التي تعيش هناك.
ومع ذلك، فإن المكملات لها عيبان رئيسيان.
أولاً، قد تُسبب انتفاخ المعدة وعدم الراحة. لتقليل ذلك، أدخل مكمل الألياف تدريجيًا واشرب الكثير من الماء.
ثانيًا، قد تتداخل هذه المكملات مع امتصاص بعض الأدوية. لذلك، إذا كنت تتناول أي أدوية حاليًا، فتحدث إلى أخصائي رعاية صحية قبل تناول مكمل الألياف.
ختامًا
الألياف الغذائية لها فوائد صحية مختلفة.
فهي لا تُغذي بكتيريا الأمعاء فحسب، بل تشكل أيضًا أحماض دهنية قصيرة السلسلة تُغذي جدار القولون.
بالإضافة إلى ذلك، قد تقلل الألياف اللزجة القابلة للذوبان شهيتك، وتخفض مستويات الكوليسترول، وتقلل من ارتفاع نسبة السكر في الدم بعد الوجبات التي تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات.
إذا كنت تهدف إلى أسلوب حياة صحي، فحاول الحصول على أنواع مختلفة من الألياف من الفاكهة والخضروات والحبوب الكاملة.
المصادر